حكاية المليحة والخمار الأسود:

ترجع حكاية الأغنية إلى رواية تقول أنّ تاجراً حجازياً قدِم إلى الكوفة لبيع الخُمر النّسائية، فباعها ما عدا ذات اللون الأسود منها، إذ أعرضت بنات الرافدين عن شرائها.

لم يرضَ التّاجر الحجازي بمغادرة سوق الكوفة قبل بيع بضاعته، وعندها فكّر في حيلة لإقناع النّساء بشراء الخمار الأسود.

ويومها كان الشاعر مسكين الدارمي قد اعتزل الشعر ومجالس الغناء واللَّهو و اختلى في زاوية بأحد المساجد يرجو رحمة ربه.
وعندما طَلب منه التّاجر الحجازي أن يساعده في إنقاذ بضاعته من الكساد رفض التفاعل معه، ولكنه أشفقَ عليه حين أكّد له أنّه سيعجز عن إعالة أسرته إذا لم يتمكن من بيع الخُمر السود.

حينها أنشد الدارمي أبياتا تصوّر ناسكاً اعتكف في المسجد واعتزل الدنيا، ولكنَّ سيدة ترتدي خمارا أسود أغوته وفتكت بمشاعره فهام في حبها:

كلمات قل للمليحة في الخمار الأسود:

قل للمليحة بالخمار الأسود
ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه
حتى وقفت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق دين محمد

على الفور، شاع في أحياء الكوفة أنَّ مسكين الدارمي ترك الزهد و النسك بعد أن رأى امرأة ترتدي خماراً أسود، فأقبلت النّسوة على شراء بضاعة التّاجر الحجازي.

يقول النّاقد الموسيقي مجيد السامرائي إن أبيات المليحة والخمار الأسود تمثل أوّل دعاية تسويقية في التاريخ الإسلامي وتغنّى في المقامات الشرقية مثل الحجاز والصبا و النوى.

من هو قائل “قل للمليحة في الخمار الأسود”؟

قائل القصيدة هو الشاعر ربيعة بن عامر، المعروف ب “مسكين الدارمي”.

ربيعة بن عامر بن أنيف المُجَاشعي الدارمي التميمي وفاته ( 89 هـ – 708 م)ويُعَرف بمسكين الدارمي من شعراء العرب وخطبائهم  ولقب بمسكين لقوله:

أنا مسكين لمن أنكرني

ولمن يعرفني جدّ نطق

لا أبيع الناس عرضي إنني

لو أبيع العرض منّي لنفق

تأييده لبني أمية
كان من المؤيدين لتوليه يزيد العهد بالخلافة من قبل أبيه الخليفة معاوية بن أبي سفيان وقد أنشد في ذلك قصيدة في حضور أشراف بني أمية، منها:

إذا المنبر الغربي خلاّه ربه

فإن أمير المؤمنين يزيد

وافق ما قاله هوى بني أمية، ووصله معاوية و من بعده يزيد على ذلك، و أجزلا صلته، وكذلك فعل زياد بن أبيه والي  العراق، ومنحه مالًا وأرضًا حين ضرب القحط العراق، ولما مات زياد سنة ٥٣ هجري (حوالي ٦٧٣ م) رثاه مسكين بقوله:

رأيت زيادة الإسلام ولّت

جهاراً حين ودّعنا زياد

وسبَّب ذلك تبادل للهجاء مع الفرزدق.