قصة وعبرة للأطفال :
حكاية للأطفال الذين في أعماقنا يقبعون
لا يبرحون أبدا مهما امتدت السنون
مهما شاخت الملامح وتعبت القلوب، هم كما يتمسك الطفل الصغير برداء أمه خوفا من الضياع بتلابيت قلوبنا يتشبثون .
كان ياما كان في قديم الزمان في سالف العصر والأوان ورغم قدم الأحداث ولكنها استمرت حتى الآن :
كانت الأرض منبسطة ليس عليها حجران فوق بعضهما ينطبقان .
في تلك البقعة من الأرض عاشت مجموعة بشرية
كبيرة، كان نمط حياتها مشاعيا وعبثيا؛ في الليل يأوون إلى الكهوف، وفي النهار ينتشرون ليقتنص أحدهم الطعام والشراب قبل أن يستيقظ الآخرون ……
أحد الشبان واسمه (حيان) كان يمتلك في قلبه رحمة فطرية، جعلته يجمع الطعام له وللعجائز والأطفال لأنهم لا يقوون على فعل ذلك بمفردهم .
بدأت براعم الحب تنبت في قلوب المستضعفين
تجاه حيان .
قصة وعبرة للأطفال :
وبقوة محبتهم راح يقوى ويزيد من الخير الذي يقدمه إلى أن أصبح لديه قلبا” شع ضياؤه و بزغ منه شعاعان في وسط عينيه ميزته عن غيره من الشبان .
في تلك البقعة كان هناك شاب يدعى (سامان)
قوي البنية مفتول العضلات، صوته أجش ونظراته حادة .
استشعر سامان بالحب الذي يكنه الناس تجاه حيان فاضطرمت النار بين حنايا قلبه …
وفي ذات صبح تأمله خلسة فلمح نور عينيه
فالتهمت قلبه الغيرة .
راح يختلي بنفسه وينظر في عينيه على صفحة البحيرة كلما أشرقت الشمس، ويتساءل لماذا عينا حيان تبرقان وعيناي منطفأتا النور ؟!
جمع خفية جميع من اشتهروا بالحكمة وراح يرهبهم ويهددهم بالقتل إن هم لم يحضروا له وصفة تضيء له عينيه .
خاف الحكماء وراحوا يتوارون عن وجهه خوفا من بطشه، بعد أن أعيتهم الحيلة في تلبية طلبه .
في أحد الأيام الماطرة كان البرد شديدا والعاصفة تكاد ترفع الصخور .
الرهبة لفت المكان، في ذاك اليوم كان كل شيء
ينذر بالشؤم .
كانت نيران الغيرة في قلب سامان قد بلغت مبلغها فقرر بأن يقتل حيان ليريح قلبه من منظر عينيه اللتين لطالما استفزتاه .
هدأ المطر قليلا فاستغل الشرير الفرصة وخرج إلى خارج كهفه مناديا بأعلى صوته هلموا يا معشر البشر اليوم سأخلصكم من الهزيل الضعيف، العالة
الذي لا يقوى على قتال وحش ولا على رفع حجر، إنه شبه إنسان يشاركنا بالطعام والشراب دون أن يقابل ذلك بأي مردود يذكر .
كانت ذرات لعابه تتطاير مع الكلام، وصوته الخشن صم’ الآذان، وقبحه يومها كان بأشد درجاته .
عيناه كانتا جاحظتين تخفيان فرحة ماكرة
قال ما قاله مدويا” في الأرجاء ثم سكت .
ابتلع الجميع لعابهم بصعوبة وشدهت أفواههم من الحيرة .
كيف ينقذون نبيلهم من الوحش الشرس الذي أمامهم ؟!
ساد الصمت برهة”، وببطء شديد انحنى أحد
المسنين وتناول معوله الحجري الحاد الذي أتقن صنعه ووضع له عصا غليظة ليستعين به على ضعفه .
قبض عليه بقوة شاب في عنفوان الشباب ثم استقام …
ودون أن يلفظ كلمة أدرك الجميع ما أضمره ذلك المسن في نفسه.
قصة وعبرة للأطفال :
فحمل كل منهم أداته ونظروا إلى حيان فوجدوا الطمأنينة تكسو وجهه وقد أضاء النور حناياه أكثر من ذي قبل .
كان يقف برباطة جأش ليس آبها” بشراسة سامان
رغم فارق القوة البدنية الواضح بينهما .
هجم الجميع وأحاطوا بسامان من كل الاتجاهات
وقضوا عليه بسرعة لم يتوقعوها .
حاول حيان منعهم لأنه لا يؤثر العنف والقوة مهما كان السبب، ولكن صوتهم وهمهمتهم وهم ينقضون على غريمهم كان عاليا” فضاع صوته في ضجيجهم كما لو أنه همسة .
ولم يستطع بمفرده دفع سيل الانتقام ….
مات سامان وارتاح منه المقربون قبل الأعداء
دفنه أتباعه في جوف الأرض كما لو أنه ما كان .
عند حلول المساء صدر صوت ضجيج وصراخ وبكاء من أحد الكهوف، أصوات نسوة ، صوت امرأة تستغيث، وفجأة سمع صوت بكاء طفل وليد
عقبه هدوء ومباركات، وتساؤلات ماذا تريدون تسمية الطفل، فأجابت أمه بصوت متعب :
كاسم والده الذي فقده اليوم قبل أن يراه سأسميه
( سامان ) .
# عائشة أحمد البراقي
جميع الحقوق محفوظة لموقع علمني
Leave A Comment