كيف تعرب ( كما ) ؟

1- تتألف كما من كلمتين:

الكاف و هي حرف جرّ، أو اسم بمعنى مثل.

و( ما ) المصدريةِ.

2- ولما كانت ( ما ) حرفاً مصدرياً وجَبَ أنْ يليَها جملةٌ تعرب: صلة الموصول الحرفي لا محلَّ لها من الإعراب. سواء كانتِ الجملة اسميةً أم فعليةً، وإن كان الغالب عليها الفعليةُ.

3- منَ الخطأ أنْ نبدأَ بها بما يَشعرُ أنَّها حرف عطف.

كيف تعرب ( كما ):

4- إعرابها:


تقدم سابقا أنَّ ( كما ) تتألَّف من الكاف وما المصدرية، وهذا جزء من الإعراب لا كلُّه؛ لأنَّ في إعرابها ما يميِّزها عن بقية أشباه الجمل.

والسّبب هو استعمالُها إذ تقع بين معنيين متماثلَين لفظاً أو معنىً، و من المعلوم أنَّ الكاف تفيد التشبيه فيُصبح لها إعراب يكادُ يكون واحداً، سنتعرف عليه بعد الشواهد المتصلة بها.

أ‌- بين معنَيْين مُتماثلَينِ لفظاً: قال مجنون ليلى:
فَيا رَبِّ إذ صَيَّرتَ ليلى هي المُنى
فَزِنِّي بِعَيْنَيها كما زِنْتَها ليا
وقعت ( كما ) بين معنيين اتَّفقا لفظاً؛

( زِنِّي ) و(زِنْتَها) ويكون إعرابها على النحو التالي:

الكاف + الاسم المجرور = مثل؛ أي أنَّ تعليق الكاف والاسم المجرور بعدها يساوي إعراب

( مثل ) والعكس غير صحيح.

نستنتج أنَّ كما = مثلما.

الجار والمجرور كالكلمة الواحدة، والمضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة.

الإعراب:
1- الكاف حرف جر، ما مصدرية، والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلِّقان بصفة مفعول مطلق محذوف.

2- الكاف اسم بمعنى ( مثل ) صفة مفعول مطلق محذوف، ما مصدرية، والمصدر المؤول مضاف إليه.

شرح الإعراب:


التقدير: فيا ربِّ زِنّي بِعينيها زيناً كزينها أي مثل زينها؛

فالجار والمجرور ( كزينها ) متعلقان بصفة ( زيناً ) التي هي مفعول مطلق.

أو مثل: صفة ( زيناً ) وما بعدها مضاف إليه.
ولا يُشتَرَط أن يكون اللفظان فعلَينِ أو اسمَين، وقد يكونان مختلفين، كقول سعيد عقل:

لفظُ الشَّآمِ اهتزَّ في خلَدي كما اهتزازُ غُصونِ الأرزِ في الهُدُبِ

فالمعنى واضح، ولو قال:

لفظُ الشَّآمِ اهتزَّ في خلَدي كما اهتزَّتْ غصونُ الأرز لما تغيَّر المعنى
ويكون الإعراب على النحو التالي:
الكاف: حرف جر، اسم بمعنى مثل، وما مصدرية.
اهتزاز: مبتدأ خبره محذوف، والجملة صلة الموصول الحرفي، والجار والمجرور متعلقان بصفة مفعول مطلق،

ولا يجوز هنا الجرُّ .

ب‌- بين معنَيْين مُتماثلَينِ معنىً:

قال المُمَزِّق العبدي:

تَبيتُ الهمومُ الطَّارقاتُ يَعُدْنَني
كما تَعتري الأهوالُ رأسَ المُطلَّقِ

شرح الكلمات:

الطَّارق: من يطرق – يزور ليلاً

يعدنني: من العيادة أي الزيارة ومنها عيادة الطبيب

المُطلَّق: المُتعَب.

شرح البيت: تزور الهمومُ الشَّاعرَ ليلاً كما الأهوال التي تزور المتعب، فالمعنيان متماثلان، ولكن ليس باللفظ. لذلك يصح الإعراب السابق في (كما ) .

ت‌- مُلحَق أوّل – أنا كما أنا:
كثيراً ما استعملنا التعبير التالي: (( أنا كما أنا )) وهذا التعبير يصبُّ في ما قلناه أنَّ ( كما )تقع بين معنيين متماثلين لفظاً أو معنىً..

وهنا وقع باللفظ، فكيف يكون إعرابُه؟
– أنا: ضمير رفع منفصل مبني في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف.
كما: الكاف حرف جر، و( ما ) مصدرية، والمصدر المؤول مجرور.

تعليق في سؤال: قد يسأل البعض: لماذا لا نعلق (كما) بالخبر، ولا داعي للإعراب الآخر المعقد؟

الكاف بمعنى ( مثل ) والمصدر مضاف إليه .

الجواب: يصبحُّ المعنى: أنا كنفسي، أو أنا أنا..لكن الشاعر أو أياً منّا لا يكون دائماً على هذه الحال، بل يستعمل التركيب عندما يريد أن يدل على حالة معينة طارئة أو متبدلة بعد أن يعجبَ منه الآخرون، فيجيبهم لا: أنا كما أنا لم أتغير..وقد ورد مثل هذا في الشعر ببلاغة أعمق؛ إذ حُذِفَ الضمير ( أنا )المبتدأ، قال الشاعر الخطيم العكلي:
كما أنا لو كانَ المُشَرَّدُ منكمُ لأبْلَيْتُ نُجْحاً أو لُقيتُ على عُذْرِ
ث‌- ملحق ثان: يتَّصلُ بالوجه السابق ما ورد في قول

الشاعر زُفَر بن الحارث:

وقدْ يَنبُتُ المرعى على دِمَنِ الثَّرى وتبقى حزازاتُ النَّفسِ كما هيا

هنا يجوز أن تعرب ( كما ) أحد الإعرابين السابقين، ويجوز وجهان آخران: حال أو خبر.

هل يجوز أن تكون ( ما ) زائدة؟
وقع الخلاف بين المُعربين عندما وليَ ( كما )اسمٌ، فالبعض رأى أن تكون ( ما ) زائدة وما بعدها اسم مجرور.

والجواب عن هذا نقول:
ربما شعر من يقرأ أن حذف ( ما ) لا يؤثر في المعنى، وعلى هذا يكون ما بعدها مجروراً، هذا صحيح لكن المعنى هذا مأخوذ من معنى التشبيه الموجود في الكاف. ونضيف لا يجوز أن تكون (ما )مصدرية وزائدة في الوقت نفسه.

ثم إنَّ أي لفظ زائد يفيد التوكيد، وهنا لا فائدة للتَّوكيد.

النتيجة: ما في التركيب ( كما ) مصدرية فحسب، ويؤيد هذا أننا نستطيع استبدال الكاف بكلمة (مثل) و( ما ) لا تُزاد بعدها.

الدكتور الفاضل شوقي المعري