عندما تقذف الحياة بالمرء في فضاء التخلي يصبح غريب’ الأطوار ، هذا الرجل الخمسيني الذي تستهجنون’ تصرفاته كان’ طفلا”ابن’ عامين عندما فقد’ يدي أمه وثديها ، اشتاق’ قلبه كثيرا” لنظرة عينيها الدافئة ولكنه وقتها لم يجد التعبير عن أشواقه فاكتفى بالبكاء والانطواء على ذاته .
بدأ يدرك بأن’خسارته الأكثر فداحة” قد وقعت باكرا”، فما هو ذلك الجدير باهتمامه بعد فقدانه لأمه ، راح’يكبر ويدرس ويجتهد ولكن دون شغف ، كان’ التناقض يملأ أيامه كما ملأ تلافيف دماغه ، فهو ليس شغوفا” بالحياة ولكنه يدرس بجد ومثابرة ، و ليس سعيدا” ولكنه يعمل ويكثر من اكتساب الخبرات والمهارات .
لديه غرفة جميلة نظيفة فيها صندوق خشبي أخضر اللون مرسوم عليه زخارف باللون الأصفر ،ورائحة الخشب الدافئة تفوح منه كلما فتح ، وضع بداخله أعز أشيائه ، صورة لأمه التي فارقها قبل’ أن يستطيع الكلام معها ، وكأس نحاسي مزخرف ووعاء آخر نحاسي نقش’ عليه من الداخل آية الكرسي كانا لأمه كان’ يستأنس بهما كلما فكر’ بغيابها ،
ودفتر مذكراته لقد كتب’ على إحدى صفحاته :(ليتني يا أمي أستطيع تذكر’ وجهك أو موقفا”واحدا” دار’ بيني وبينك قبل’ موتك )…….
وأنا التي لطالما ظننته عديم المشاعر فطرت كتاباته فؤادي
وقررت من حينها أن أعامله معاملة” مختلفة رغم’ أنني مهما غيرت من معاملتي لن أستطيع أن أرد’ إليه ما فقده أو أواسيه
ولكن على الأقل بت أدرك تماما” سر’ غرابته وأعذره أعذره إلى الما لانهاية .
الآن أنا أحبه دون’ انتظار حبه ، وأداريه رغم’ قسوته فقد لاقى من العناء ما يكفيه ليكون بهذه الطباع الغريبة .
#عائشة _البراقي
Leave A Comment