سلمى طفلة في العاشرة من عمرها ،لم يرزق والداها بأولاد غيرها ،كانوا أسرةً متحابَّةً
وكانوا يحبون الطبيعةَ والحيوانات، بيتهم كانَ يقع على تلةٍ عندَ أطرافِ القرية.
سلمى أمضت أوقاتاً طويلةً في الرَّكضِ واللَّعب والاهتمام بالحيوانات اللّطيفة
والعناية بالأزهار .
لقد كانت مطيعةً لوالديها كثيراً، لم يكن لديهم أيّ جيران لذلك كانت سلمى تلعبُ
ألعاباً عديدةً بمفردها، وكانت السَّعادة تغمرُ قلبها وشعرت بأنّ كلّ مافي الطبيعة
أصدقاءها.
مضت سنواتٌ على هذا الحال ،وفي أحد الأيّام أتت عائلة جديدة وسكنوا بجوارهم بعد أن قاموا ببناء منزلٍ بجوار منزل أهل سلمى.
فرحت سلمى بالجيران الجدد وتاقَت للتعرُّف عليهم وطلبت من والدها بأن يدعوهم للزيارة
حتى يتسنَّى لسلمى التعرّف على ابنتهم واللّعب معها، تساءلت سلمى كثيراً يا ترى
ما هو اسم ابنتهم لقد رأتها من النافذة تلعب مع أخيها الصغير، كانت ترتدي فستاناً
أصفرَ وعليه فراشات جميلة ملوّنة.
بعد مضي عدّة أيّام قامَ الأب بدعوة جيرانه لزيارتهم فرحت سلمى كثيراً لهذا.
عندما قدِمَ الجيران استقبلهم أهلُ سلمى أحسن استقبال وقاموا بإكرامهم وحسن ضيافتهم
ولم تفارق الابتسامة وجوههم.
تعرّفت سلمى على الفتاة وسألتها عن اسمها فأخبرتها بأنّ اسمها ليلى أبدت سلمى
إعجابها بالاسم .
قالت ليلى لسلمى كيف كنت تمضينَ وقتَ فراغك كل هذه السنوات دونَ أصدقاء؟!
فأجابتها سلمى: لديَّ أشياء كثيرة ألعب بها، وأحياناً أسقي الأزهار وأقرأ القصص
وأستمعُ إلى زقزقة العصافير …
وأمضي أيامي بالمتعة والفائدة، وتابعت سلمى: ولديّ صندوق مجوهرات أضع فيه
كلَّ ما هو ثمين واقفلهُ فهوَ أغلى ما أملك.
سُرّت ليلى من حوارها مع سلمى وتعلّمت منها أشياءَ جديدة ومُفيدة.
تودّعت الفتاتان وعادت ليلى إلى منزلها وأمضت وقتاً طويلاً تحكي لأهلها
عن صديقتها الجديدة وأخبرتهم عن مواهبها المتعدّدة، كما أخبرتهم عن صندوق مجوهراتها
وتمنت لو أنّ لديها صندوق مجوهرات هي أيضاً.
شعرَت بالحُزن قليلاً لأنّها لم تطلب من سلمى أن تريها الصندوق وما في داخله.
ثمّ قرّرت أن تذهبَ في اليوم التَّالي إلى بيتِ سلمى وتطلب منها أن تريَها الصُّندوق،
وفي المساء أغمضت ليلى عينيها وهيَ تفكّرُ بالصُّندوق والجواهر وما الذي يمكن
أن يحتوي هذا الصُّندوق، وفي تلكَ اللّيلة حلمت ليلى أنَّ سلمى فتحت الصندوق أمامها
وكانَ بداخلهِ أساورَ ذهبيّة كثيرة وعقود ملوّنة وخواتم بأحجام وأشكال متعدّدة.
استيقظت في الصباح من حلمها الجَّميل ،وبعد أن غسلت يديها ووجهها وغيّرت ملابسها وتناولت فطورها طلبت الإذن من أهلها بأن يسمحا لها بالذّهاب لزيارة سلمى.
وافقَ أهلها وطلبا مِنها أنْ لا تتأخَّر في العودة إلى البيت.
أسرعت ليلى متلهفةً إلى بيت سلمى طرقت الباب ففتحت لها سلمى الباب وما إن وقعت عيناها على صديقتها الجديدة حتى بدَت على وجهها ابتسامة عريضة .
ورحّبت بها كانت ليلى متشوّقةً لسؤالها عن الصُّندوق وما بداخله.
ولما سألتها سلمى ماذا نلعب؟؟
أجابت ليلى على الفور : أرِني صندوقَ مجوهراتك، وافَقت سلمى وأسرعتا إلى مكان
الصّندوق أحضرت سلمى المفتاح من فوق رفٍ صغير .
ركّزت ليلى نظرَها على الصُّندوق بشوق، وعندما فتحت سلمى الصندوق بحذر صدمت
ليلى لأنَّها لم ترَ بداخلهِ أيّة مجوهرات بل رأَت كتُباً وأحجارا”ملوّنةً وبعضَ التُّحف المصنوعة
يدويّاً.
تساءلت ليلى باستغراب و أينَ المجوهرات؟!
ضحكت سلمى وقالت لها هذه هيَ مجوهراتي ففي قراءتي للقصص أحلّق بعيداً
في عوالمَ جميلة وجديدة وأفرح بذلك أكثر من ارتداء المجوهرات.
وهذه التُّحف صنعتها بنفسي، أما عن هذه الأحجار الملساء الملوّنة فلقد جمعتها من
قرب النهر ولوّنها بتلك الألوان الجميلة .
فرِحت ليلى لما سمعته من سلمى وطلبَت منها أن تعلّمها صناعة التُّحف الجّميلة
وافقت سلمى وقالت لها: سوف أعيرك بعضاً من قصصي لتقرئيها،وسوفَ نلوّن الأحجارَ
معاً.
وفي نهاية الزيارة تودّعت الصديقتان وعادت ليلى إلى منزلها سعيدةً لما تعلّمته من صديقتها، عن أنّ هناكَ في الحياةِ ما هو أجمل وأثمن من الجواهر الحقيقيّة وهيَ القصص والكتب المفيدة.
وهناكَ ما يُمكن أن نستمتعَ به أكثر من ارتداء المجوهرات.
عائشة أحمد البراقي
Leave A Comment