سميح طفلٌ من السودان في العاشرة من عمره ، كان يعيش مع عائلته في السودان وكانت أحوالهم الاقتصادية تتراجع
يوما” بعد’ يوم ، قرر أبو سميح السفر مع عائلته إلى سورية لما سمعه عن هذا البلد من أنّه بلد الفقير ، وأنّه
بلد كلّ محتاج أو محروم ، وكل من فقد وطنه وجد’ في سورية بلدا” ثانيا”له ، انتقلت العائلة من السودان إلى سورية
وكانوا قلقين قليلا” بشأن الاختلاف والتأقلم .
كانت بشرتهم داكنة اللون ولكنّ قلوبهم نقيّة” بنقاء الثلج .
استأجروا بيتا” في منطقة,, شعبية ، وأقاموا في تلك’ المنطقة وراحوا يتعرّفون على الناس من حولهم يوما” بعد’ يوم
سجلهم أبوهم في مدرسة,, قريبة,, من الحيّ الذي يعيشون’ فيه ،كان’ سميح متوسط’ القامة أسود اللون ، أجعد’
الشّعر .
في أوّل يوم من المدرسة استعدّ سميح وأخته وأخوه للذّهاب إلى المدرسة ، كانت أم سميح متوتّرة” وتتساءل
في نفسها هل سيتمكّن أبناؤها من التأقلم مع البيئة الجديدة أم لا ؟
ولكنّها لم تعبّر عن هذا الخوف لأحد ، واكتفت بالدّعاء لأبنائها فقط .
دخل’ سميح إلى صفّه متصنّعا” الشجاعة ، وعدم الاكتراث ، ولكنّ عيون التلاميذ كانت مسلّطة” عليه كأنّها سهام
حاول قدر الإمكان أن يهدئ نفسه ويسيطر على إنفعالاته .
تقدّم ولدان شقيّان باتجاهه وحاولا استفزازه وأمسك أحدهم بخصلة شعره وشدها قليلا” فنظر’ سميح إليهما
نظرة’’ حازمة وأنزل له يده بنوع من القسوة فابتعدا عنه ، راح’ يجوّل نظره في أرجاء الصف فوقع نظره على أحد الأولاد والذي كانت تبدو عليه علائم السّماحة والإنسانيّة فاطمأنّ له وابتسم في وجهه إبتسامة خفيفة محاولا”
تبديد وحشته ، فبادله الابتسامة تقدّم الولد نحو سميح وسلّم’ عليه ورحب’ به قائلا”:
أهلا” وسهلا” بك’ في بلدك الثاني ، سوف تسرّ كثيرا” هنا وتابع’
ما اسمك ؟
أجاب سميح : اسمي سميح ، وأنت ؟
ردّ الولد : وأنا أيهم ، وراحا يتعارفان ، وقطع حديثهما دخول المعلّم إلى الصف .
وقف’ التلاميذ باحترام لمعلّمهم ،رحب’ بهم ثمّ طلب’ منهم الجلوس
وقع’ نظر المعلم على سميح فأحسّ بارتباكه الذي يحاول جاهدا” إخفاءه .
فما كان من’ المعلّم إلاّ أن سأل’ التلاميذ : من يعرف ما هي أقطار الوطن العربي ؟
رفع عدد من التلاميذ أيديهم للإجابة ، وكذلك سميح رفع’ يده
آثر’ المعلّم أن يدع’ تلميذا” آخر غير سميح يجيب على سؤاله وذلك للفت نظر التلاميذ إلى الإجابة
طلب المعلّم من أحد التلاميذ الإجابة فعدد التلميذ الدول وكان من بينها السودان
سأل’ المعلم عدة أسئلة حول’ مايتعلّق بأبناء الوطن العربي ، وما يجمعهم ومايربطهم ببعضهم ، وتمت الإجابة على
كل تلك’ التساؤلات من قبل التلاميذ .
وشيئا” فشيئا” أدرك’ التلاميذ هدف’ المعلّم من كلّ هذه الأسئلة وبدأ استغرابهم من سميح يزول وخصوصا”
عندما قال’ المعلّم : الإنسان أخو الإنسان ، فكيف إن كانت تربطنا به روابط كثيرة ؟!
انتهت الحصّة وفي قلب جميع التلاميذ رغبة في التعرّف على سميح ومصادقته
وهكذا مضى أوّل يوم,, في المدرسة بسلام وعاد سميح إلى بيته والسرور يغمره
وتحدّث لأبويه عما جرى معه شعر الأبوان بالارتياح كثيرا” لمجريات الأمور وخصوصا” وأن محمد وتغريد وهما أخوا سميح
عادا من المدرسة سعيدين أيضا” ،وهكذا بدأ سميح مسيرة النشاط والاجتهاد في دراسته حتى حقّق’ التميّز والتفوّق وكان جميع أصدقائه يحبّونه كثيرا” .
وهكذا مضت سنوات العمر ونال’ سميح الدّرجات العالية ودرس’ الطب ورفع’ رأس أبويه عاليا” وكان فخرا” لوطنيه .
علمني ___ أ. عائشة البراقي
قصة جميلة جدا .. وأسلوب رائع جذاب ومشوق .. ليت كل المعلمين يساعدون طلابهم على تجاوز محنهم ..
شكرا” لتفاعلك و إنسانيتك ، حتى وإن أضفنا لبنة” واحدة” في بناء المجتمع ..ستكون كافية لبناء لبنات,, فوقها مع فائق حبي واحترامي .