إعراب حتى
حتى حرف يستعمل على ثلاثة أنحاء:
أولاً: أن تكون حرف ابتداء، أي حرفاً تستأنف بعده الجُمل.
وتدخلُ حتى هذه في ثلاثة مواضع:
1_ الجملة الاسميّة:
كقول جرير:
فما زالت القتلى تمُجّ دماءها * بدجلة حتى ماءُ دجلة أشكلُ
وقول الفرزدق:
فواعجباً حتى كُليبٌ تسبّني * كأنّ أبانا نهشل أو مجاشع ُ
ولا بدّ من تقدير عامل محذوف قبلَ (حتى ) في قول الفرزدق يكون ما بعد ( حتى ) غايةً له، أي فواعجباً يسبّني النّاس حتى كليب تسبّني.
وفائدة (حتى ) الابتدائيّة إمّا التَّحقير، كقول الفرزدق السّابق: حتى كليب تسبّني……
وإمّا التَّعظيم، كقول جرير:
فما زالت القتلى تمجّ دماءَها * بدجلة حتّى ماءُ دجلةَ أشكل
وأشكل هنا من الشّكلة، أي الحُمرة التي يخالطها بياض .
ويلزم الجملة الإسميّة الدّاخلة عليها حتى أن يكون خبر المبتدأ من جنسِ الفعل المتقدّم، نحوَ: ركبَ القّومُ حتى الأميرُ راكبٌ، فلو قلتُ حتى الأمير ضاحكٌ لم تُفد.
وما اشترطوه من كون خبر المبتدأ بعدَ حتى من جنس الفعل المتقدّم، مفهوم من المعنى في قول جرير
لأنّ ما قبل حتّى في قوله: فما زالت القتلى تغيّرُ ماءَ دجة بالدّماء حتى تغيّرَ.
2_ الجملة الفعليّة: التي فعلها مضارع دالٌ على الحال، نحوَ: مرضَ زيدٌ حتى لا يرجونه، وتكاثفَ الضَّباب حتى لا تظهر الشّمس.
وضابطُ ( حتّى ) هذه صحّة حلول الفاء محلّها، أي مرضَ زيدٌ فلا يرجونه، وتكاثفَ الضّباب فلا تظهر الشّمس.
3_ الجملة الفعليّة التي فعلها ماضي: كقول عبد الله بن سبرة الجرشي:
حاسيته الموتَ حتّى اشتفّ آخره * فما استكانَ لما لاقى ولا جزعا
وقوله تعالى: (حتى عفوا وقالوا ) سورة الأعراف 95
ثانياً: النحو الثَّاني أن تكون حتى حرف عطف بمنزلة الواو
مثال:
قول الشاعر :
ألقى الصّحيفةَ كي يخفّف رحلهُ * والزّاد حتى نعله ألقاها
ثالثاً: النّحو الثالث: أنْ تكون حرف جر، معناه انتهاء الغاية، بمنزلة ( إلى ) في المعنى والعمل، ولكنّها
تخالف إلى في ثلاثة أمور :
أ_ لمجرور حتّى شرطان:
1_ مجرور حتى لا يكون ضميراً، فإن جرّت ضميراً اعتدّ ذلكَ ضرورةً
كقول الشّاعر:
أتت حتاكَ تقصدُ كلّ فجّ * ترجّي منكَ أنّها لا تخيبُ
2_ أن يكون ما سبقَ حتى ذا أجزاء، وأن يكون مجرورها آخر جزء من المسبوق
مثال: أكلتُ السّمكةَ حتى رأسها
أو ملاقياً لآخر جزء نحوَ:
سرتُ اللّيل حتّى النّهار
ب_ إذا لم يكن معَ حتّى قرينة تقتضي دخول ما بعدها في حكم ما قبلها كقوله:
ضربت القومَ حتّى زيد، فزيد مضروب انتهى به الضّرب.
ج _ ( حتّى ) و ( إلى ) كلاهما انفردَ بمحل لا يصلحُ للآخر:
فمما انفردت به إلى أنّه يجوز: كتبتُ إلى زيد، وأنا إلى عمرو، أي هوَ غايتي،
وفي الحديث أنا بكَ ولكَ،
ويجوز: سرتُ منَ البصرة إلى الكوفة.
ولا يجوز: كتبتُ حتّى زيد، وأنا حتى عمرو، وسرتُ منَ البصرة حتّى الكوفة
وإنّما امتنع: كتبتُ حتّى زيد، وأنا حتى عمرو لأنّ ( حتّى ) موضوعة لإفادة تقضي الفعل قبلها، شيئاً فشيئاً إلى الغاية، وليست ( إلى ) كذلك.
وامتنعُ قول: سرتُ حتى الكوفة، لضعف حتى في الغاية، فلم يقابلوا بها ( من ) التي لابتداء الغاية.
Leave A Comment